مصر توجه نداء إلى جامعة الدول العربية بشأن سد النهضة
انطلاق المؤتمر العربي السادس للمياه والدورة الـ 16 للمجلس الوزاري العربي للمياه
القاهرة – غمان – فينيق مصري – ريحاب شعراوي – أكد وزير الري والموارد المائية المصري الدكتور هاني سويلم، أن إثيوبيا تسعى إلى تكريس الأمر الواقع في ما يتعلق بسد النهضة وعدم التوصل إلى حل.
وقال سويلم في كلمة ألقاها خلال اجتماع المجلس الوزاري العربي للمياه، إن تعاونا مائيا فعالا على أحواض الأنهار الدولية يعد بالنسبة لمصر أمرا وجوديا لا غنى عنه، وهو ما يتطلب مراعاة أن تكون إدارة الأنهار الدولية على مستوى الحوض، باعتباره وحدة متكاملة بما في ذلك الإدارة المتكاملة للمياه الزرقاء والخضراء.
وأشار في هذا السياق إلى “المخاطر الناتجة عن التحركات المنفردة والأحادية التي لا تلتزم بمبادئ القانون الدولي على أحواض الأنهار الدولية ومن أبرزها السد الإثيوبي”.
وذكر الوزير المصري أن السد الإثيوبي، “بدأ إنشاؤه دون أي تشاور أو دراسات كافية تتعلق بالسلامة أو بالتأثيرات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية على الدول المجاورة، ما يعد انتهاكا للقانون الدولي”.
وأكد أن “الطرف الآخر يرغب فقط في تكريس الأمر الواقع دون وجود إرادة سياسية لديه للتوصل لحل، مع سعيه لإضفاء الشرعية على سياساته الأحادية المناقضة للقانون الدولي، والتستر خلف ادعاءات لا أساس لها بأن تلك السياسات تنطلق من حق الشعوب فى التنمية”.
وأضاف سويلم، أن التنمية تتحقق للجميع في حالة الالتزام بالممارسات التعاونية المنعكسة في القانون الدولي وعدم الإضرار بالغير وتعزيز الترابط الإقليمي.
وجدد دعوة مصر لجامعة الدول العربية لمواصلة جهودها في دعم وحفظ الحقوق المائية للدول العربية باعتبارها جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، مع ضرورة التزام الدول المتشاطئة بقواعد القانون الدولي الواجبة التطبيق، بما فى ذلك الاتفاقيات القائمة ومبادئ القانون الدولي، وكذلك التأكيد على رفض أي عمل أو إجراء يمس حقوق مصر والسودان في مياه النيل، وعدم اتخاذ أية إجراءات أحادية توقع الضرر بالمصالح المائية للدولتين.
وقال الوزير، إن مصر ونتيجة لموقعها الجغرافي كدولة مصب في حوض نهر النيل، تواجه تحديات معقدة في إدارة مواردها المائية، حيث تأتي مصر على رأس قائمة الدول القاحلة باعتبارها من الدول الأقل حظاً من حيث كمية الأمطار المتساقطة عليها، والتي تبلغ 1.30 مليار مكعب سنويا، فيما تبلغ كمية الأمطار المتساقطة على بعض دول أعالي نهر النيل أكثر من 900 مليار متر مكعب سنويا.
ونوه بأن مصر تعتمد بشكل شبه مطلق على نهر النيل بنسبة 98% على الأقل لتوفير مواردها المائية المتجددة، وفي حين يبلغ إجمالي الاحتياجات المائية حوالي 114 مليار متر كعب سنويا، ويبلغ إجمالي الموارد المائية نحو 60 مليار متر مكعب.
وأوضح أنه يتم سد الفجوة عن طريق إعادة الاستخدام والتدوير لحوالي 21 مليار متر مكعب، بالإضافة إلى استيراد حوالى 34 مليار متر مكعب من المياه الافتراضية في صورة منتجات غذائية، مشيرا إلى أن هذا الوضع يتفاقم مع استضافة مصر لما يقرب من 9 ملايين نسمة من الأشقاء من البلدان المجاورة وتوفير كافة الحقوق والخدمات لهم.
وكانت انطلقت أعمال المؤتمر العربي السادس للمياه تحت شعار “الحوكمة نحو تحقيق التنمية المستدامة في المياه”، الأربعاء في البحر الميت، بهدف تبادل الخبرات والابتكارات في مجال إدارة المياه.
ويناقش المؤتمر أبرز القضايا والتحديات المتعلقة بالمياه في المنطقة، كما يتناول استعراض الحلول والتقنيات الحديثة لتحقيق استدامة الموارد المائية، بمشاركة وزراء مياه عرب، وممثلين عن وزارات في بعض الدول، وصناع قرار ومتخصصين من مختلف الدول العربية والعالمية.
وأكد وزير المياه والري رائد أبو السعود خلال افتتاحه أعمال المؤتمر مندوبًا عن رئيس الوزراء جعفر حسان، أن الأردن حقق نجاحات ملموسة في تطوير نماذج ومبادرات ريادية من خلال شراكة المجتمع المحلي والقطاع الخاص لتحسين إدارة المياه، وخفض نسبة الفاقد، وتوسيع استخدام المياه المعالجة كمصدر مستدام.
وقال أبو السعود، إن الأردن يسرع الخطى لإنجاز مشروع استراتيجي وطني لتحلية مياه البحر الأحمر (مشروع الناقل الوطني)، بهدف تأمين الاحتياجات المائية ورفع كفاءة استخدام مياه الري وتعزيز الوعي المائي على مختلف المستويات.
وأشار أبو السعود إلى التحديات التي تواجه الواقع المائي العربي، حيث تعتمد المنطقة بشكل كبير على مصادر مائية تنبع بنسبة 60% من خارج حدودها، إضافة إلى ما تشهده المنطقة العربية من احتباس حراري، وتفاقم مشكلة الشح المائي واستنزاف الموارد المائية والصراعات الإقليمية وأثرها على موجات اللجوء، مؤكدا أن دراسات الأمم المتحدة بينت أن 12 دولة عربية دون خط الفقر المائي الحاد البالغ 500 متر مكعب بالعام حسب تصنيف منظمة الصحة العالمية.
وأوضح أن المصادر المائية القادمة من خارج الحدود لبعض البلدان العربية مهددة؛ بسبب إجراءات تتخذها دول المصدر، داعيا إلى تكاتف الجهود لإيجاد الحلول وتنفيذ مبادرات مائية عربية مشتركة وزيادة الوعي بأهمية المحافظة على المياه، وتعزيز الحاكمية الرشيدة، وتوسيع دور مؤسسات البحث العلمي العربية، والاستفادة من الطاقة المتجددة في مشاريع تحلية المياه، وتوسيع استخدام الموارد المحلية في تنقية مياه الشرب، وزيادة برامج الحصاد المائي وتحقيق التكامل بين الأمن الغذائي والمائي والبيئي والتوسع باستخدام الموارد المائية غير التقليدية، وبناء استراتيجية مشتركة لضمان الأمن المائي العربي.
وشدد وزير المياه على أهمية إيجاد سياسات فاعلة تحقق نهج إدارة متكاملة للموارد المائية العربية ليشمل تنسيق الجهود العربية على نحو مستدام في إدارة موارد المياه السطحية والأحواض المائية المشتركة، وتعزيز رقمنة المؤسسات المائية، وإيجاد ممارسات إدارية صحيحة ومستدامة لموارد المياه، لتعزيز دور المواطن في حماية المقدرات المائية ووقف الاستخدامات غير المشروعة وترسيخ مساهمته الايجابية في الوفاء بالالتزامات المترتبة عليه ليكون رديفا أساسيا في إنجاح السياسات المائية الوطنية، وتحقيق التكامل بين الغذاء والمياه والطاقة والبيئة وزيادة الاعتماد على المصادر غير التقليدية وإعادة استخدام المياه المعالجة.
وبين أن وضع أهداف تناسب مشاكل المنطقة مثل ربط قضايا المياه بالأمن والسلم الإقليمي، ووضع خطط كفؤة في إدارة الطلب على المياه، وتعزيز دور القطاع الخاص وإشراك المنظمات المحلية والدولية المعنية في إيجاد حالة وعي بأهمية دور الأفراد والمجتمعات في إدارة موارد المياه والطاقة، ودعم البحث العلمي لدراسة الواقع المائي العربي وتقلبات المناخ وتكنولوجيا التحلية وغيرها يعد أولوية مهمة.
وأكد أهمية الخروج بتوصيات قابلة للتطبيق ووضع الأطر اللازمة لإخراجها إلى حيز الوجود من خلال برامج عملية، وربط المخرجات بالمتطلبات الوطنية العربية ضمن برامج ومشاريع واقعية فاعلة.
ودعا أبو السعود الوزراء العرب إلى مزيد من التعاون الإقليمي العربي العربي من خلال تعزيز إدارة المياه فيما يتعلق بالشفافية والمساءلة والتماسك والتكامل وترسيخ سيادة القانون بأبعادها الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والسياسية.
وأكد الأمين العام المساعد رئيس الشؤون الاقتصادية بجامعة الدول العربية السفير علي بن إبراهيم المالكي، أهمية تعزيز التعاون بين جميع دول المجلس؛ لتحقيق الأمن المائي العربي، والحفاظ على الحقوق المائية العربية، إلى جانب تعزيز سياسات التكيّف والحد من أخطار الكوارث المائية، وتقوية جهود الابتكار في مجال تقنيات المياه والاستدامة، مع ضرورة توحيد الجهود بشأن ما تشهده غزة والأراضي الفلسطينية ولبنان.
كما دعا إلى ضمان استدامة الموارد المائية، منوّهًا بدور وزراء المياه العرب الفاعل في الاجتماعات المشتركة وتفعيل الحلول العابرة للقطاعات، في ظل تنامي الوعي بأهمية الترابط بين أمن المياه والغذاء وعلاقتهما بأمن الطاقة.