احلام نتنياهو وحسابته تشعل جبهة لبنان وتهدد المنطقة
بقلم: عايدة عم علي
بعد مناوشات دامت أكثر من 11 شهرا راوحت خلالها الاشتباكات المسلحة في نطاق محسوب، أقدمت حكومة نتنياهو المولعة بالدم والتصعيد على تفجير الجبهة الشمالية بأقدامها على اغتيال الأمين العام لحزب الله الشيخ حسن نصر الله بهجوم جوي غير مسبوق على حارة حريك بالضاحية الجنوبية محولة الحال من جبهة اسناد للمقاومة الفلسطينية بحسب تصريحات الحزب الى ساحة حرب عليه وعلى لبنان الشقيق اتخذت مقدماتها شكل الفاجعة
العدوان المتواصل للأسبوع الثاني على التوالي جورا وبرا، يحمل في طياته تصعيداً عسكرياً وينذر بالعديد من المخاطر أبرزها دفعه باتجاه انفلات الأمور وعدم القدرة على ضبطها ما يهدد المنطقة برمتها، خاصة مع استمرار حكومة اليمين الفاشية بقيادة نتنياهو في ممارسة طقوس العربدة على المنطقة بحثاً عن إنجاز وهمي يرقع به ثقوب الإخفاقات الكبرى.
وهذا الوضع يداد عنفا ودموية في ظل استمرار العدوان على الشعب الفلسطيني وحرب الإبادة في قطاع غزة الذي يغرق جيشه في وحله ويلقى الضربات والصفعات على وجه العنجهية الإسرائيلية المتمسكة بعبثية وأوهام “نصر مطلق” لهذا يضغط نتنياهو على زناد التسعير الارهابي في استغلال لجملة من المواقف والتجاذبات والتطورات الداخلية والإقليمية والدولية، لتواصل العصابات الاجرامية الامعان في ارتكاب المزيد من الجرائم والمجازر في انتهاك سافر للشرعة الدولية ولكافة القوانين والاتفاقيات والاعرف والتقاليد وبما فيها قواعد الاشتباك وذلك كله في اطار السعي لتحقيق مصالح ومخططات بعضها معلن وأكثرها خفية.
تطور العمليات العسكرية في الشمال، دليل على تحول الوضع من جبهة اسناد الى حالة تتدحرج فيها الحرب الشاملة، وخاصة في ظل التحولات الممثلة في إدخال منظومة ونوعية أسلحة جديدة للمقاومة اللبنانية حملت الكثير من الرسائل , وهو ما يدل الى انتقالها لمرحلة متطورة من عملياتها النوعية واستهدافاها بعيدة المدى وفق ما وصفت ب «الحساب المفتوح»، ومن جانب اخر تشير المعطيات الى سعي الاحتلال نحو المزيد من ارتكاب الجرائم على غرار ما شهده العدوان على غزة، لجر المنطقة الى مزيد من التصعيد. مستفيدا من مؤشرات استطلاعات الرأي الداخلي التي تظهر ارتفاع نسبة المؤيدين لعملية عسكرية ضد حزب الله ولبنان حيث أظهرت استطلاعات الرأي التي أجرتها صحيفة «يديعوت أحرنوت» لما يزيد على ٦٥ بالمئة، بعد مجزرتي البيجر وأجهزة الاتصالات اللاسلكية بيومين، والانقسام الحاصل داخل هذا الكيان لا يتعلق بعدم رغبتهم بشن أي حرب، بل في الانقسام حول المطالب بهذه العملية بعد إنجاز تحرير الأسرى، أو دونها.
اضافة الى ذلك وقبله دعم الولايات المتحدة الأميركية غير المشروط واللامحدود وبضمنه ارسال حاملة طائرات «يو إس إس هاري ترومان» للمنطقة على متنها خمسة آلاف عسكري، برفقة ٣٤ فرقاطة عسكرية، لتنضم إلى مجموعات مقاتلات وغواصة نووية وحاملة الطائرات أيزنهاور، الموجودة شرق المتوسط لحماية هذا الكيان والحفاظ على المصالح الأميركية بالمنطقة ، امر كهذا لربما يرضي أنصار نتنياهو الذي لا يزال في دوامة العجز والذي لا تزال تحيط به انقسامات حادة ولم تغير جريمة الضاحية الجنوبية فيه شيئاً ملحوظاً.
في هذا السياق يرى البروفيسور في شؤون الأمن في صحيفة معاريف دانيال فريدمان، أنه «من غير المعقول أن يتبنى نتنياهو القيام باجتياح بري للبنان لإنهاء حزب الله، وهو الذي لم ينجح حتى الآن بإنهاء عمليات الفلسطينيين في القطاع ولا بتغيير الحكم فيه»، وفي النهاية لا تزال تجربة الاجتياح الإسرائيلي للبنان وهزيمة رئيسي الحكومة الإسرائيلية الأسبقين مناحيم بيغين وأريئيل شارون فيه ماثلة حين نجحت أطراف وقوى المقاومة بتحرير الجنوب اللبناني عام 2000.
كذلك ما تحدث من خلاله رئيس شؤون الحصانة القومية في المركز الإسرائيلي لقضايا السياسة والاستراتيجية في جامعة رايخمان، ليئور أكيرمان، في تحليل نشره في صحيفة «معاريف» تحت عنوان «إسرائيل تنهار من الداخل وأصبح المطلوب تغيير القيادة» مؤكدا ان «إسرائيل تشهد حالة انهيار في مجال الأمن والاقتصاد والمجتمع والتعليم والصحة، والحل الوحيد لها هو وجود قيادة صادقة ومحترفة تهتم بهذه المجالات، وهذا الانهيار يجري بوتيرة سريعة جداً ويصيب عدداً من المسائل الاستراتيجية ولا أحد يوقف هذا التدهور حتى الآن».
ويضيف أكيرمان أن «انهيار الأمن واضح جداً منذ السابع من تشرين الأول الماضي وهو لم يتوقف لأن الفشل متواصل بسبب الإدارة الفاشلة للمعركة الأمنية والسياسية، فمن الناحية العملية البسيطة لا نجد أن نجاح الأمن والجيش منذ تشرين الأول الماضي تجري ترجمته لمكاسب وإنجازات استراتيجية شاملة».
سعي نتنياهو على تقديم نفسه بأنه الشخصية الثالثة في تاريخ هذا الكيان بعد بن غوريون المؤسس بعد نكبة 1948، ومناحيم بيغن، وأنه القادر على تحقيق مصالح الكيان في الحماية والتوسع والمواجهة، هوس يزيد من احتمالات انزلاق المنطقة نحو الهاوية. وطالما نتنياهو في حاله الذي بتلع سكين الفشل، فلا عجب في ارتكابه مزيد من الحماقات، وفتح بوابات هستيرية لتأجيل تهلكته السياسية وتحمله تبعات حماقاته التي أدخلت الكيان في نفق، ونزعت عنه أقنعة الزيف ونسفت سرديته المضللة عالمياً.