أقلام وآراء

ادعاءات وأوهام الحرب الإقليمية

 

 

 د. أحمد مجدلاني

انطلقت موجة جديدة من التحذيرات من اتساع نطاق المواجهة على الجبهة اللبنانية، بعدما نجح نتنياهو باغتيال الامين العام لحزب الله حسن نصر الله، في ال 27 من ايلول الماضي، وبذلك سجل انتصارا غير مسبوقا في حملته على لبنان بهدف تحقيق هدفه الاساس اعادة النازحين من مستوطني مستعمرات شمال فلسطين الى بيوتهم باعتبار هذه القضية تشكل مع استعادة المحتجزين لدى حركة حماس المحرك السياسي لقوى المعارضة المطالبة بإسقاط حكومته والدعوة لانتخابات مبكرة.

نجاح نتنياهو بدعم واسناد استخباري من اجهزة الامن المتعددة للولايات المتحدة الامريكية والغرب عموما في اغتيار امين عام حزب الله حسن نصر الله رفع سقف التوقعات لدى نتنياهو وضباط وجنود جيش الاحتلال الإسرائيلي، بان العملية العسكرية بدأت تأتي ثمارها ومن الممكن البناء على هذا الانجاز لتوسيع اهداف العملية لتطهير مواقع الحزب بالجنوب، وضرب بنيته العسكرية وازالة اية مخاطر من تدخل بري لعناصره بالشمال مع تدمير لقواه وبنيته العسكرية، كل هذا معطوفا على الهدف الاساس وهو اعادة المستوطنين الى بيوتهم بالشمال.

مع توسع العملية وربما قبلها انطلقت دعوات تحذر من اندلاع حرب اقليمية ترد فيها ايران على اغتيال نصر الله، واسماعيل هنية في طهران، علاوة على تقدير اقحام اطراف اخرى بالحرب وعلى راسها الولايات المتحدة الامريكية، وهو هدف نتنياهو غير المخفي بهدف استدراجها للتورط وتوجيه ضربة للبرنامج النووي الايراني، ومصادر الطاقة والمنشأت الحيوية في ايران.

لكن قبل مناقشة هذه الاحتمالية أو الوهم بإمكانية امتداد وتوسع الصدام واندلاع حرب اقليمية، علينا التوقف امام دول الاقليم المعنية بالصراع وطرح التساؤل البسيط، هل هذه الدول معنية بتوسيع الصراع، وهل لها مصلحة بتوسيعه، وهل لديها القدرة على دخوله، ولماذا؟

وقبل كل شيء وقبل الاجابة على هذه الأسئلة، علينا حسم السؤال الاساس هل الادارة الامريكية معنية بتوسيع الصراع والتورط في معركة مع ايران قد تسبب اضرارا بمصالحها ووجودها العسكري بالخليج العربي، ام انها تدعم اسرائيل لتوجيه ضربة لحزب الله واذرعه بالمنطقة من اجل اعادة ترتيب اوضاع الشرق الاوسط بما في ذلك ايران وادخالها في منظومة الحل الاقليمي الذي يضمن مصالح الولايات المتحدة الامريكية باقل الخسائر الممكنة.

الواضح من نهج الادارة الامريكية انه يميل الى هذا، وهي تحذر اسرائيل من جهة وتنذر ايران من جهة ثانية، وتدفع دول مجلس التعاون الخليجي على اعلانها لايران انها تنأى بنفسها عن الصراع الدائر وليست طرفا فيه بعد توجيه ايران لضربتها الصاروخية على اسرائيل.

اما الاطراف الاقليمية الاخرى التي من الممكن ان تكون طرفا بتوسع الصراع الاقليمي فهي مصر والاردن وسوريا، وهذه الدول جميعها منذ بداية حرب السابع من اكتوبر تسجل مواقف الادانة والاستنكار ويلعب الاردن دورا دبلوماسيا نشطا لتدرأك تداعيات الحرب وتوسعها على الضفة الغربية لما لذلك من مخاطر على الامن القومي للأردن، وتلعب مصر دور الوسيط لوقف اطلاق النار وتبادل الاسرى والمحتجزين، مع رفضها الحازم لإعادة احتلال محور صلاح الدين وتحويل اجزاء من قطاع غزة لمناطق اسرائيلية آمنة، وليس مطروحا على جدول اعمال هذه الدول الدخول في صدام عسكري في حالو توسعت الحرب البرية الاسرائيلية على جنوب لبنان ، هذا اذا اخذنا بالاعتبار الاعتداءات شبه اليومية على مناطق مختلفة بالعمق السوري مستهدفة بنى عسكرية لإيران وحزب الله .

الاستنتاج المنطقي ان الترويج لحرب اقليمية وهم وسراب، وهو غير واقعي، وربما يستهدف من قبل مدعية ارسال رسائل الخوف والقلق للشعوب العربية وانظمتها من العواقب الوخيمة على تدخلها في هذه الحرب غير العادلة والمتكافئة والعدوانية بآن معا، والتي تستهدف تقويض واضعاف بنى دول المنطقة.

وهذه الرسالة ايضا تستوجب القراءة ممن يسمون انفسهم محور المقاومة، ان الرد الايراني كان محدودا ومحسوبا، واعلن بعد اطلاقة لصواريخه انه قد انتهى من حملته وانتقم لمقتل حسن نصر الله واسماعيل هنية، وانه جاهز للمفاوضات مع الولايات المتحدة الامريكية لمعالجة كافة القضايا العالقة منذ اعلان ترامب عن الغاء اتفاق الخمسة + واحد بشان البرنامج النووي الايراني.

نقول لكل مصدري المخاوف لتوسيع الحرب الإقليمية، أن الوحيد الذي له مصلحة سياسية وشخصية بهذه الحرب هو نتنياهو، ومروجي توسيع هذه الحرب هم من بائعي ومروجي الاوهام لا أكثر ولا اقل.

نضال الشعب

زر الذهاب إلى الأعلى