أقلام وآراء

انتصار فلسطيني ثلاثي بالأمم المتحدة

 

بقلم: د. أحمد مجدلاني

سجلت فلسطين انتصارا سياسيا ودبلوماسيا جديدا بتصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة على مشروع قرار تقدمت به دولة فلسطين بالأصالة عن نفسها لأول مرة منذ قبولها عضوا مراقبا بالأمم المتحدة عام 1994بعد الاعتراف الرسمي بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، وحتى بعد رفع مكانتها بالاعتراف بها كدولة مراقب بالأمم المتحدة في 15 نوفمبر 2012 بموجب القرار 19/67 وليس عبر دولة شقيقة أو صديقة كما جرت العادة خلال الخمسين عاما الماضية.

وبموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر أيار الماضي وبعد استخدام الولايات المتحدة الامريكية بشكل منفرد لحق النقد الفيتو على مشروع قرار عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدة شأنها كسائر دول العالم.

توجهت دولة فلسطين إلى الجمعية العامة مجددا وحصلت على قرار تاريخي ومهم بأن رفعت مكانة فلسطين كدولة مراقب بالحصول على امتيازات الدول كاملة العضوية بالأمم المتحدة دون حق التصويت والترشيح .

وبذلك وفي هذه الدورة جلست فلسطين على مقعدها الذي تستحقه وعن جدارة بين الدول حسب التسلسل الابجدي للدول، وبذلك يجلس ممثلي فلسطين في هذه الدورة الرئيس محمود عباس وممثلها الدائم بالأمم المتحدة د.رياض منصور إلى جانب الدول الأعضاء على نفس المستوى.

إذا نحن في هذه الدورة امام انجازان تاريخيان ومهمان ويشكلان علامة فارقة بتاريخ النضال الوطني الفلسطيني، بتراكم المنجزات والمكاسب التي تتحقق بتضحيات وصمود شعبنا من جهة، وبحنكة وشجاعة قيادته وسياستها الواقعية المستندة على القانون الدولي والشرعية الدولية.

التصويت الجارف على مشروع القرار الفلسطيني المبني على توصيات المحكمة الجنائية الدولية بشأن الطلب الاستشاري الذي طلبته الجمعية العامة للأمم المتحدة من المحكمة قبل عامين بشأن ماهية الاحتلال الإسرائيلي، والذي وصفه قرار المحكمة بأنه احتلال غير شرعي ومخالف للقانون الدولي وكافة الإجراءات الاستيطانية غير شرعية ويجب الانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة والتعويض عن الآثار والأضرار التي خلفها الاحتلال منذ الرابع من حزيران عام 1976.

أهمية مشروع القرار جاء بمضمونه أولا إذ أنه حمل عناصر الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، ويتضمن ثانيا سقفا زمنيا للتطبيق مدته عام واحد وآلية للمتابعة عبر تكليف السكرتير العام للأمم المتحدة بتقديم تقرير للجمعية العامة للأمم المتحدة عن التقدم الحاصل بتطبيق القرار.

ومع ادراكنا المسبق بأن إسرائيل الدولة القائمة بالاحتلال سوف ترفض تطبيق هذا القرار، ضاربة عرض الحائط بإرادة المجتمع الدولي كما جرت العادة بتعاملها مع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، مدعومة من الولايات المتحدة برفضها للقرار وبعض الجزر المجهرية والدول الهامشية التي تدور في فلك الولايات المتحدة الامريكية الراعية والداعمة للاحتلال والراعية للإرهاب الدولي.

التصويت ضد مشروع القرار الفلسطيني لم يكن بسبب العناصر السياسية وإجراءات ضمان تطبيق القرار كما ادعى من صوت ضده أو امتنع عن التصويت ممن بحث عن مبرر للامتناع عن التصويت ، وإنما ضد الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية وضد ما تمثله المحكمة كأحد أعمدة منظومة الأمم المتحدة والشرعية الدولية .

هذا يستدعي من اللجنة المكلفة من الرئيس بمتابعة تطبيق القرار وضع حطة والية عمل لمتابعة تطبيقه مع كافة الدول الشقيقة والصديقة، وتوفير آلية دولية للضغط على إسرائيل لحملها على الالتزام به، علاوة على تحمل الدول الأعضاء المسؤولية القانونية والأخلاقية لتطبيق الرأي الاستشاري ليس فقط بوسائل الضغط السياسي والدبلوماسي على إسرائيل وإنما باستخدام سلاح العقوبات طبقا للمادة 41 من نظام الأمم المتحدة وللبند السابع منه والتي لا تعني استخدام القوة بل استخدام وسائل عقابية أخرى ، كما تشمل المادة ج 41 تدابير مثل إنشاء محاكم دولية (مثل المحكمتين الخاصتين بيوغوسلافيا السابقة ورواندا المنشأتين في عامي 1993 و1994) أو إنشاء صندوق للتعويض عن الأضرار الناتجة عن الغزو.

حققت دولة فلسطين ثلاثة إنجازات هامة وتاريخية في الدورة الحالية للأمم المتحدة، أولها احتلالها لمقعدها الذي تستحقه، وثانيها تقديمها لمشروع قرار بالأصالة عن نفسها، وثالثها عزلة إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية التي ظهرت مجددا بأنها الدولة الراعية للاحتلال ولإرهاب الدولة المنظم التي تقوم به إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني.

نضال الشعب

زر الذهاب إلى الأعلى