تقرير عبري عن فضيحة تورطت فيها “بيلد” الألمانية بنشرها تقريرا مفبركا عن السنوار.. ما دور نتنياهو؟!
نشرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” دلالات وخفايا تسريب صحيفة “بيلد” الألمانية نهاية الأسبوع الماضي وثيقة قالت إنه تم العثور عليها في حاسوب زعيم حركة حماس يحيى السنوار.
وأشارت “بيلد” إلى أن ذلك تم بهدف تدعيم تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حول رفضه الانسحاب من محور فيلادلفيا.
وأشار محلل الشؤون الاستخباراتية في “يديعوت أحرونوت” رونين بيرغمان، إلى أن مطالعة الوثيقة الكاملة التي استندت “بيلد” إليها يظهر صورة معاكسة تماما، وهذه الوثيقة عبارة عن مقترح قدمه “المستوى المتوسط” في حماس وتطرق فيه إلى مسودة اتفاق جرى تقديمه إلى إسرائيل.
وحسب التقرير، فإن هذه الوثيقة كتبتها الاستخبارات العسكرية في كتائب القسام، “لكن أهميتها ضئيلة، وبالتأكيد ليس بإيعاز السنوار، ولم تُقبل التوصيات فيها. وخسارة أنها لم تقبل، إذا أنها تتضمن رأيا معتدلا قياسا بآراء قدمتها حماس إلى الوسطاء بعد أيام معدودة، وبضمنها موافقة على مقترحات تسمح لإسرائيل بأن تتباها، وبينها زيارة الصليب الأحمر للمخطوفين”.
ونقل التقرير عن مصدر إسرائيلي رفيع في دائرة الأسرى والمفقودين ومطلع على تفاصيل المفاوضات مع “حماس” حول صفقة تبادل أسرى، قوله حول النشر في “بيلد إنه “حتى بمصطلحات الآلة السامة (لدعم نتنياهو) التي عممت هذه التشويهات، فإن هذه الحملة كانت ضارة وشريرة وشيطانية بشكل خاص”.
وأضاف المصدر أن مثالا على ذلك هو “تعميم وثائق مفبركة على وسائل إعلام أجنبية، كأنها باسم حماس أو كتلك التي زُيّفت بشكل خطير، وتقول إن حماس توشك على تهريب مخطوفين إلى إيران، كأنها من وثائق السنوار، هو تنكيل عبثي بعائلات المخطوفين، وهذا كله من أجل تدعيم اعتبارات سياسية ضيقة وأنانية”.
ورددت سارة نتنياهو خلال لقائها مع عائلات الأسرى الإسرائيليين الخبر الكاذب الذي نشرته صحيفة “جويش كرونيكال” البريطانية، وكأن “حماس” على وشك إخراج الأسرى من غزة إلى إيران واليمن، وهو خبر “يدعم عمليا ادعاء نتنياهو بحظر الانسحاب من محور فيلادلفيا ولو لفترة قصيرة”.
وقال المصدر الإسرائيلي إن “مخاوف عائلات المخطوفين استندت بالطبع إلى صفر حقائق ومئة بالمئة كذب وتسميم”.
ويصف جهاز الأمن الإسرائيلي حملة نتنياهو بأنها “حملة تضليل تمارسها جهات إسرائيلية بشكل مخالف للقانون على الجمهور الإسرائيلي، ومن خلال تشويه معلومات سرية”.
وحسب التقرير، فإن الوثيقة المذكورة كُتبت بعد أن قدم الوسطاء في المفاوضات إلى حماس مقترحا لاتفاق، في 8 أبريل الماضي، وكانت الوثيقة بين سلسلة تحليلات وتوصيات حول كيفية العمل، قدمتها الاستخبارات العسكرية التابعة لكتائب القسام، والآراء التي تضمنتها هذه الوثيقة كانت “مفاجئة بشكل إيجابي”.
وشدد التقرير على أن “الآراء والتوصيات في الوثيقة لا تعكس عدم رضى من التوصل إلى صفقة، وإنما العكس تماما. وتصف الوثيقة كيف بإمكان حماس الحصول على أفضل فائدة بإمكانها الحصول عليها من صفقة كهذه، وكيف بالإمكان التقدم نحوها، وما الذي سترفضه إسرائيل، وما لن ترفضه، وكذلك كيف بالإمكان ممارسة ضغط على إسرائيل كي توافق على الصفقة”.
وحسب بيان للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، فإن الأمر الجديد في وثيقة حماس هو “نحو الإيجاب، لكن هذا الجديد لم يوافق عليه طاقم حماس في المفاوضات”، وأن هذه الوثيقة هي من بين مجموعة هائلة تشمل عشرة ملايين وثيقة على الأقل ومقاطع فيديو توثق أربعين عاما جرى استخراجها من غزة بعد 7 أكتوبر.
وجاء في التقرير أنه في إسرائيل لم يولوا أهمية لهذه الوثيقة وصُنفت بمستوى أهمية منخفض، “لكن في إطار الحملة (الإسرائيلية التضليلية) اهتمت جهة معينة بتسريب هذه الوثيقة، وكأن أهميتها دراماتيكية”.
وتطرق نتنياهو خلال اجتماع حكومته، الأحد، إلى وثيقة حماس المنشورة في “بيلد” بعد تزييفها، وبموجبها أن إستراتيجية حماس هي ممارسة ضغوط على عائلات الأسرى كي يمارسوا بدورهم الضغط على الحكومة الإسرائيلية، وقال نتنياهو إن “الغالبية العظمى من مواطني إسرائيل لا يسقطون في هذه المصيدة”.
إلا أن التقرير أشار إلى أن خلاصة الوثيقة معاكسة، “وواضح أن حماس تريد ممارسة تضليل على الرأي العام في إسرائيل والعالم، لكن وجهة النظر الداخلية التي تضمنتها الوثيقة، وفقا لمصدرين استخباراتيين إسرائيليين رفيعين، ربما تعكس أجواء كانت سائدة في حماس في أبريل، لكنها لم تعد كذلك بعد التحسن في وضع حماس لدى الرأي العام الدولي منذئذ”.
وقال أحد المصدرين الاستخباراتيين “نحن نوافق دائما على أخذ الصفقة التي لم تعد مطروحة على طاولة المفاوضات، ويتضح أن جهة واحدة تتمتع بقوة في حماس، وحتى أنها تعتبر متطرفة جدا، كانت تؤيد جدا الصفقة. وهذا يثير أفكارا صعبة حيال ما نُشر في وسائل الإعلام الإسرائيلية في هذه الأشهر كلها”.