وعاد يعقوب يطعمنا جوزه الفارغ..
بقلم : حسني شيلو
تمر القضية الفلسطينية في أدق بل أخطر مراحلها ومراحلها، هذا ليس مجرد شعار أو ديباجة تقال أو تكتب في ثنايا مقال لغاية التهويل والتحشيد، انها مصطلحات بالكاد تعبر عن الواقع الذي تدفع اليه القضية، ومن لا يرى ذلك فإنه يكابر أو نسي نظارات النظر، أو صدق قنوات تخلت عن مهمة نقل الخبر وباتت تصنعه لخدمة لأجندات وأهداف معروفة أو لغاية خبيثة في نفس يعقوب.
إن تجاهل الحقيقة ومحاولة تزين الواقع المر يزداد رعبا وسخافة وخطورة معا حين يبرره اصحابه بعبارات جوفاء يتشدق بها البعض من قبيل (ليس لقاعد أن يفتي لمجاهد)، أو (في المعركة لا نريد اي تثبيط للمعنويات)، وكان المعركة تجري في وادي وباقي الشأن الفلسطيني في أودية أخرى بعيدة علينا فيها اكل الجوز الفارغ في كل مرة يقدم لنا.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، ما بين تحليل الدويري عبر قناة الجزيرة، وثلة من الاسماء التي بدأت تظهر فجأة على شاشات عديدة ، يغيب المثقف والمحلل الحق الذي يحمل هموم القضية والشعب ، وتمر العديد من الاخبار “المعدة” على الجميع بدأ من رأس الهرم السياسي وانتهاء بأصغر طفل فلسطيني، مشغول بتحليل مقاطع مصورة أصبحت مكررة وفي خلفياتها الدمار والقتل كمشهد طبيعي، ما بين ذلك ، تعمل آلة الفاشية الجديدة بتمرير روايتها عبر اذرعها الإعلامية بكل اللغات، وعبر ما تسمى وزراه خارجيتها، التي تكرر ما يحدث من ٧ أكتوبر حتى الآن باعتباره هولكوست جديد وتهديد لأمن ما تسمى واحة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، وربط كل ذلك بما أطلقت عليه (الدعشنه) ليس فقط لحركة مقاومة ولكن أيضا لكافة سكان غزة ، وهكذا بدا للعالم أجمع ومؤسساته الدولية بأن ما يقوم به الاحتلال دفاعا عن النفس ، وحقا مشروعا لحماية مواطني أبناء النور في واحة الديمقراطية ، بينما نحن الضحية والذين تمارس علينا أبشع الجرائم ، وتدك حياتنا برمتها بأعتى الاسلحة التي أصبحنا حقل تجارب لأسلحة دولة الاحتلال، التي تطلق شعار (بيع الأسلحة المجربة ) ، نخاطب أنفسنا عبر فضائيات متصهينة ناطقة بالعربية تمرر ما تريد وقتما تريد.
ألم ينظر صناع الوهم إلى تقرير صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، حيث إن 3 دول فقط أعلنت قطع علاقاتها مع إسرائيل بعد العدوان الاجرامي وحرب الإبادة على قطاع غزة، ووفق الصحيفة، فإن بوليفيا، وبليز، وكولومبيا، قطعت علاقاتها مع إسرائيل، وهو رقم أقل بكثير مما كان عليه بعد حرب أكتوبر عام 1973، وأقل أيضًا مقارنة بالحروب الأخرى. ألم يشغل انتباههم ويرى فضولهم تعيين حاكم عسكري على غزة وماذا يعني ذلك؟ .
ألم ينظر إلى بدء معركة الضفة الغربية من الشمال بعملية اجتياح عسكري هادفة إلى تدمير البني التحتية واستهداف المدنيين بشكل مباشر في إطار خطة الحسم والتهجير القسري. وتعاظم في البناء الاستيطاني وتهويد القدس، وعمليات الضم والتهجير القسري وهدم المنازل والمنشآت.
لا أحد في فلسطين يحب أن يسمع أو يرى الحقيقة والواقع، فهذا يترجم فورا على انه عداء للمقاومة وتقليل من الانتصارات التي تسوق لغرض بغض النظر عن أهميتها وقيمتها في نتائج المعادلة، والركض وراء سراب الاعلام الموجه، يتطلب منا جميعا أفراد وفصائل ومؤسسات وطنية أن نخاطب أنفسنا وشعبنا بلغة العقل والمنطق.
إن بعض السياسيين الذي يصارحوا شعبنا بشجاعة وعبر الاعلام بتلك اللغة وكذلك بعض المختصين في الشأن السياسي وهم قلة بالطبع، طالتهم أقبح الاوصاف، وكأننا ما زلنا بعد كل هذا الخراب نهرب بعيدا، بينما عدونا يسعى لتصفية قضيتنا اولا وتدمير مقدرات شعبنا ثانيا، ويعزز روايته ثالثا.
الحقيقة أن السند والاساس يتزعزع حتى على صعيد المحاور الاقليمية فقد تركنا لوحدنا نواجه الآلام والأوجاع والمخططات الوجودية، بينما الاخر يحصد النتائج السياسية ويرتب وضعه كدولة اقليمية لا يمكن تجاوزها. فمتى نستيقظ من حلم اليقظة والرهان الخاسر، ألم نتعلم من تجربة منظمة التحرير الفلسطينية التي دفعت تضحيات جسام وشلالات من الدماء وثمنا باهظا في سبيل استقلال القرار الوطني وإنجاز المشروع الوطني بثوابته وخطوطه الحمر لمعروفة، العاقل يتعلم من التاريخ والجاهل لا يتعظ من تجارب غيره؟!.