أقلام وآراء

لا شماته في موت.. لكن لا محاسن لتذكر!

 

بقلم: نائل موسى

من شيمنا ذكر محاسن الراحلين والترحم عليهم والاستغفار، وان تطلب الامر في أحيان، العض على الجرح لتحاشي ذكر أخطائهم حرصا على الأحياء الاشقاء والأصدقاء من ان نؤذيهم بكلام يساء فهمه عن أموات بأشخاصهم، استحقت افعالهم واقوالهم اللعنة.
قبل أيام رحل الكاتب الصحفي محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ، بعد فصل اسود سطره في معاداة الشعب الفلسطيني ومقاومته وقضيته وقيادته، وفي ترويج للعلاقة مع دولة الاحتلال بخلاف موقف المملكة العربية السعودية المعلن من التطبيع والاعتراف بإسرائيل.
فخلال سنوات خلت، لم يفوت محمد آل الشيخ مناسبة، لم يشتم فيها الفلسطينيين بأقذع الالفاظ ويصفهم بأقذر الاوصاف ويشبههم بأنجس الحيوانات، وشكك في نضالهم وقضيتهم ووطنيهم، وقلل من قداسة قدسهم واقصاهم والقبلة الأولى، بل وشايع الاحتلال وناصره عليهم، لا لشيء “سوى غاية في نفس يعقوب”.
ففي تغريدة، قال: “الفلسطينيون هم وبال على كل من يستضيفهم، استضافهم الأردن فكان أيلول الأسود واستضافهم لبنان فكانت الحرب الأهلية، واستضافتهم الكويت فتحولوا إلى جنود لصدام، وهم الآن يحولون منابرهم لشتمنا ونكران مواقفنا هؤلاء لم يعرف لهم إلا جيش الدفاع الإسرائيلي” – بحسب تعبيره.
وفي مناسبة أخرى، كتب: “يجب منع كلاب حماس من الحج السنة القادمة لأنهم رفثوا وفسقوا في حج هذه السنة، وليحجوا إلى الدويلة بدلا من مكة. الشغب والمظاهرات التي مارسها الحمساويون في الحج وراءها القطريون، فالحمساويون رجالهم عبيد لتلك الدويلة يبيعون فيهم ويشترون”.
وبلغ به المجون حد الجنون عندما هاجم أبناء قطاع غزة ومن يناصرهم من السعوديين أيضا، على نحو ينم عن حقده الأسود وعدائه الدقيين عندما كتب: ” غزة واهل غزة هم بكل جدارة واستحقاق، أقذر شعوب الأرض على الاطلاق، والسعوديون الذين يناصرونهم أيضا السفلة ويفتقدون الرجولة، وسوف يسلط الله عليهم إسرائيل وتشفي قلوبنا منهم هؤلاء الخنازير النجسة “.

ولما لم نكن في هذا المقام نقدم جردة حساب نعلم أن التاريخ والذاكرة والخاتمة كما الاحرار سيحاسبونه عليها حيا وميتا، نذكر بتغريدة من نوع اخر، كتب فيها أل شيخ: “أيها الفلسطينيون فرص كثيرة أضعتموها منذ 48 وحتى ضم القدس، ولم تفلحوا إلا في الحقد والسب والشتم وتحميل الآخران تفريطكم في قضاياكم” وتابع.. “ورشة البحرين الاقتصادية استغلوها، وارضوا بالقليل؛ لأنكم لا تملكون أي ورقة تساومون عليها، إني والله لكم من الناصحين”.
هذا غيض من فيض ترهات ترفع الفلسطينيون غالبا عن الرد عليها دهراً حرصاً على العلاقة الأخوية التاريخية مع الاشقاء في السعودية قيادة وشعبا عظيم من سوء التقدير والتفسير، وتقديراً لموقفها الثابت تجاه فلسطين ودفاعا ودعما بشتى السبل لقضية يبذل طابور خامس مستجد ما بوسعه لضربها في مقتل خدمة لأهداف واجندات غير خافية وفي توقيت غاية في الخطورة.
إن تصاعد هذه التصريحات وما يتبعها من جدل وتداعيات على شاكلتها وخصوصا على مواقع التواصل الاجتماعي الأكثر تأثيراً وقرباً وقبولاً ومتابعة لدى الجماهير العريضة وفي وقت تكثف فيه إدارة بايدن ضغوطها لإنجاز اتفاق تطبيع سريع بين المملكة ودولة الاحتلال خدمة لمصالحا الانتخابية ومصالح ربيبتها إسرائيل، يكشف حقيقة ما يقف وراء ترويج فكرة التطبيع وتسريع حركة قطاره بزعم أن يشكل مع الاتفاق الأمني مع واشنطن مصدر قوة ومنعة للسعودية ويخدم مصالحها وتطلعاتها.
وتجتر هذه التصريحات عادة، استراتيجية شيطنة الفلسطيني واتهامه بنكرانه لمعروف الاشقاء وبالتالي تسويغ التخلي عنه، مترافقا مع انسنة الإسرائيلي وإظهار قوة إسرائيل وتقدمها وجدوى العلاقة معها لجعل التطبيع مفردة غير غريبة في فكر المواطن العربي بل وتحبيبه وتقليل معارضته لها على أقل تقدير بها ضمن ذات الأسطوانة المشروخة، لتقريب العلاقات مع الكيان، وإيجاد قبول للإسرائيلي في الوجدان العربي، وتحريف التاريخ الجلي، ضمن مرحلة متقدمة في كي الوعي الفلسطيني والعربي وكسر ارادته.
إن القيادة السعودية التي أعلنت أن التطبيع ثمنه الأول قيام الدولة الفلسطينية المستقلة انسجاماً مع مبادرة السلام العربية التي طرحتها الرياض عام 2000 ويتمسك بها الفلسطينيون، تعي أن صعود قطار التطبيع دون ذلك لا يصب في مصلحتها ومكانتها ودورها الكبير.

كما الاتفاق الأمني المعلن مع واشنطن لم يعد جزرة مغرية للمملكة في ظل المستجدات في العلاقة المتطورة مع ايران واليمن في المدى المنظور، وقد يمثل عنصر تهديد وقلق استراتيجي على المدى المنظور والبعيد، فيما المملكة قادرة على انجاز مشروعها النووي السلمي بعيداً عن الولايات المتحدة التي اثبت التاريخ أنها شريك غير موثوق قبه لانحيازها إلى مصالحها الذاتية ومصلحة اسرائيل ربيبتها في المنطقة والتي اثبت رئيس وزراؤها بنيامين نتنياهو بالملموس أنه لا يقيم وزناً للتطبيع بحد ذاته مع أي دولة عربية حتى لو كانت المملكة بكل ما تمثله من قوة سياسية ومالية وعسكرية واقتصادية، ودور ومكانة على الصعد العربية والإسلامية والدولية بقدر ما يهمه ضرب القضية العربية الأولى، عندما رفض الصفقة حتى مقابل الحديث اللفظي عن حل الدولتين ومسار حقيقي لقيام الدولة الفلسطينية ما يوضح أن التطبيع لديه هدفه الأول محاصرة وضرب القضية الفلسطينية وهو ما يعرفه جيداً ال الشيخ ويحاول اخفائه بكلام منمق متبوعا بتهم وشتائم لا يليق بكائن من كان اطلاقها.
ربما الامر برمته متى تعلق بشخص او كاتب بعينه لم يكن يستوقنا لو أن الجديد الذي طرأ بامتداح وثناء ثلة تلصق بنفسها اوصاف كتاب وصحافيين وفنانين ومثقفين على تلك الأفكار المسمومة والاشادة بها إلى جانب تعظيم دوره فيما وصف بالتنوير ومحاربة الاخوان والإسلام السياسي والقوى الظلامية وغيرها وبضمنها مطالبة الإعلامي رواف السعين نتنياهو بحرق الفلسطينيين الذين اتهمهم بالخيانة، قائلًا: “مستعد أنام عند يهودي ولا أنام عند فلسطيني”، وتابع “ليس لكم أرض وليست لكم قضية، فالقضية قضية إسرائيل”.
وحتى هنا، كفانا الشعب السعودي الأصيل والعظيم من واجب الرد، فاشبع المتوفي كما في حياته ما يكفي ويزيد، مستذكرين هنا على سبيل المثال المغرد السعودي علي الشهري الذي كتب: “فلسطين فيها المسجد الاقصى الذي بارك الله حوله وأسرى اليه بنبيه. عليه الصلاة والسلام. وحب ودعم المملكة لفلسطين شي جبلي وديني لان ينقطع ومن يسب السعودية منهم هم شله فاسده لا تمثل الأغلبية وسوف ينتقم الله منهم لأنهم على خطاء فلا تعمم واليهود اعدانا إلى قيام الساعة”.
ولخص اخر الحكاية قائلا: عرفت الآن من هو الرويبضه الذي أخبر عنه الرسول آخر الزمان من أمثال آل الشيخ وسيبقى الفلسطيني شوكه في حلوق هؤلاء الرويبضات يغيظهم إلى قيام الساعة أما الصهاينة فلا تظنوا أنهم يحترمونكم وسيعلقون على صدوركم أوسمه لهذه التصريحات الحقيرة فهم يحتقرونكم في كل مكان وزمان !!
إن الثناء على الراحل ودوره مكافحة أفكار التطرف في قضايا فكرية وسياسية ودينية والدفاع عن قضايا بلاده شان آخر خارج عن دائرة تعليقنا، الا كون تصريحاته أتت بعد أمواج التطبيع العارم التي اجتاحت المنطقة مصحوبة بشيطنة للشعب الفلسطيني ومقاومته ولج فيها محمد آل الشيخ الوافد الى عالم الكتابة من باب التجارة، تجارة ربما اسكنها فضاء يؤمن بالرسالة وفي سبيلها يقدم جسام التضحيات لا يقيم وزنا كبيرا لميزان الربح والخسارة، فلدى المناضل ترجح كفة الوطن دائما اما التطبيع فمحكوم بالفشل”. ولن يكسر إرادة الفلسطينيين وتمسكهم بحقوقهم وثوابتهم وبالنضال العنيد لتحقيق تطلعاتهم فوق ترابهم الوطني نعيق سيرافق الغربان الى حيث انتهوا.. يقولون هذا ولسان حالهم يقول، لا شماته في الموت لكن لا محاسن له لنذكرها. لكننا نذكر بفخر مدى الدهر السفير السعودي في لندن غازي القصيبي وقصيدته التي نظمها ويثني فيها على الشابة الفلسطينية آيات الأخرس والتي كانت نفذت عملية فدائية في إسرائيل.. ونشرها في حينة على الصفحة الأولى من صحيفة الحياة بعنوان “الشهداء وجاء فيها: –
قل لآيات يا عروس العوالي
كل حسن لمقلتك الفداء
حين يخصى الفحول.. صفوة قومي
تتصدى للمجرم الحسناء
تلثم الموت وهي تضحك بشرا
ومن الموت يهرب الزعماء..

زر الذهاب إلى الأعلى