انتفاضة بيتا وخيارات القيادة
المحامي سمير دويكات
اكثر من مائة يوم و قرية بيتا تخوض نضالها ضد الاحتلال وضد مستوطنيه المجرمين الذي ارادوا ان يزرعوا مستوطنة جديدة على جبل صبيح من الجهة الجنوبية وهي الاكثر حيوية في المنطقة كونها لا تبعد سوى الفين متر من حاجز زعترا وهو الطوق الاستيطاني الذي من شانه لو نفذ ان يغلق مناطق الشمال عن الوسط في الضفة الغربية، وكانت لهم محاولات فاشلة ايضا قبل سنتين في جبل العرمة من الجهة الشرقية لبيتا ومرات سابقة في نفس الجبل لكن تم افشالها بسواعد اهالي بيتا والتي ايضا تهدف الى السيطرة على كل جبال نابلس حتى منطقة الاغوار، حيث يخوض شبابنا الفلسطيني الحر معركة هناك لكسر طمع المستوطنين المدحورين عن جبل صبيح ومنع الاستيطان هناك، وما جرى في بلدة تياسير هو ايضا ترجمة لما يجري في بيتا من رغبة وثورة الشباب ضد الاستيطان في مواجهة الاحتلال بقوة لمنع توغله في الاراضي الفلسطينية وهي مسالة مصيرية يتحتم على الجميع التصدي لها.
انتفاضة بيتا غيرت المفاهيم واثارت الجميع ودعت كل اطياف العمل الفلسطيني الى تغيير توجهاته نحو ازالة الاحتلال والقضاء عليه بكل ما نستطيع من قوة، وقد ابدع الشباب هناك في بيتا على خلق اعمال جديدة في ظل الامكانيات المتوفرة اجبرت في نهايتها المستوطنين على الرحيل عن البؤرة وعلى الرغم من ذلك استمر الشباب في جهاده ونضاله حتى ازالة البيوت ودحر الجنود الصهاينة لضمان عدم عودتهم او التفكير في ذلك مجددا، حيث سجل هناك يوم امس اكثر مائة جريح.
القيادة الفلسطينية وهي التي تبنت خيار المفاوضات على الرغم من مشاهد الانتفاضة الثانية الدامية التي راح ضحيتها الاف الشهداء والجرحى وهدم مقرات المؤسسات الوطنية وهي مفاوضات حققت صفر نتيجة في وبقيت السلطة محملة بالتزامات الاتفاق
وفي المقابل ضاقت الناس ذرعا بانغلاق الافق وفقدان الامل و من الحياة الصعبة والاوضاع الاقتصادية التي لا تؤمن حياة كريمة للناس، وهددت الحريات وحقوق المواطنين والوحدة الداخلية والتي تعاني منذ ما وقع في غزة من سيطرت حماس عليها قبل اربعة عشر عاما. كل ذلك الزم الشعب والقيادة على بحث بدائل كان من المفروض ان تكون في الانتخابات ولكن ظهرت هناك تحديات جدية لعدم اجرائها وخاصة منع الاحتلال من تنظيم فعاليتها في القدس المحتلة والتي اخذ طابع جديد حسب مفهوم الاحتلال بعد اعتراف امريكا ونقل سفارتها اليها، وهو امر ادى الى قلب الموازين مرة اخرى، وانتفضت الناس ضد الجميع، لكن منظومة السلطة الامنية والتي استمرت منذ نشوؤها بقيت على حالها دون تعديل على الرغم من تجاوز الاحتلال لكل الاتفاقيات الموقعة في تفاهمات معه.
اما الخيارات التي اتيحت للسلطة الوطنية الفلسطينية، على الرغم من اننا لا نتعامل في مقالاتنا مع السلطة وانما عنواننا هو دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، الا ان السلطة ابقيت على وضعها مع الاحتلال في الدائرة الضيقة لمفهوم السلطة وخاصة الامنية، فخيارات السلطة مع شعبها كثيره ومنها انها ابقت على حلقة المفاوضات العبثية والضيقة وتبني مفهوم جديد لإدارة الصراع والدولة الفلسطينية خارجيا وداخليا ومنها:
1. داخليا: ضرورة اجراء انتخابات وطنية عامة وشاملة، يشارك فيها كافة ابناء الشعب الفلسطيني، وان تحوز على نزاهة واستقلالية، وان يتم تنظيمها بشكل يعكس طموح شعبنا في الحرية والاستقلال. مع ضرورة اقالة رئيس لجنة الانتخابات الذي يتساوق مع البعض في سلب شعبنا حقوقه القانونية في الانتخابات وخاصة ان لجنة الانتخابات بحاجة الى اصلاح داخلي قبل اجراء الانتخابات ومنها تنظيف سجل الناخبين واعتماد كافة مؤسسات الرقابة التي طالها العبث من مدير لجنة الانتخابات اكثر من مرة.
2. خارجيا: ضرورة انهاء المفاوضات مع الاحتلال والاحتكام لراي الشارع الفلسطيني الرافض لكل المفاوضات والتي عبر عنها منذ انتخابات 2006 عندما رفض انتخاب القيادة المستمرة في المفاوضات، وهو امر جدي نحو تفعيل منظومة مقاومة الاحتلال الشعبية حتى يؤدي الامر الى زواله نهائيا.
فانتفاضة بيتا قد حركت كل اطياف الشعب الفلسطيني ووضعت الامور في نصابها ولا يمكن لاحد غير ابناء بيتا من تبنيها ودعمها لان كل مؤسسات السلطة بقيت نوعا ما في حدود المتفرج، دون حتى تحريك ملف المساعدة القانونية في وزارة الخارجية مثلا وغياب الاعلام الدولي والمحلي المؤثر وان ما يظهر هو نتاج مواقع التواصل الاجتماعي الفردية وكان لبيتا تجربة منذ اكثر من ثلاث سنوات في جبل العرمة حيث ان كل الوعود التي اعطيت فوق جبل العرمة لم ينجز منها أي شيء وان الوعود التي اعطيت فوق جبل صبيح سيكون مصيرها كذلك، ان لم يكن هناك توجه وطني نحو تبني الفكرة والموقف والنضال البيتاوي، ومؤسسات الدولة الفلسطينية وفي مواجهة الاحتلال الصريحة مدعوة لتبني موقف اهالي بيتا من ضرورة استمرار المواجهة نحو طرد الاحتلال.
مع بداية العام استلم الرئيس الامريكي الجديد وقد شارف العام الاول على الانتهاء ولا يزال حكام رام الله في الانتظار حول الوعود بإصلاح الامر من امريكا، وان الذي تسرب عقب زيارة المبعوث الامريكي هو امور لا ترقى الى تضحيات شعبنا وقضيته وان مطلب القيادة كما اشيع العودة الى مربع ما قبل الانتفاضة الثانية هو ايضا لا يرقى الى تضحيات شعبنا، وهنا سنحت الفرصة للقيادة ان تعمل شيئا جديدا في ظل الظروف المتوفرة وتبني موقف اهالي بيتا وتعميمه على باقي مناطق فلسطين حتى يتم ازالة الاحتلال نهائيا.