يوم العمال العالمي: عمل لائق بدون عوائق في فلسطين

بقلم: د. أحمد مجدلاني
يحتفل العالم بالأول من أيار بعيد العمال العالمي، ليس لإحياء ذكرى العاملات اللواتي قتلن في مواقع العمل، بل لتجديد العزم على التمسك بالإنجازات الكبيرة لحقوق العمال التي تحققت عبر تضحيات كبيرة قدمتها الحركة العمالية العالمية خلال العقود الماضية، هذه الحقوق والمكتسبات يجري الهجوم عليها وإفراغها من محتواها مع عودة أزمات الرأسمالية العالمية وتفاقم الصراع بين مراكزها.
قبل خمسة وعشرون عامل أطلقت منظمة العمل الدولية مفهوم العمل اللائق كضمان للمساواة بين الجنسين، والالتزام باتفاقيات العمل الدولية والحريات النقابية والتعددية النقابية، وتوفير شروط وظروف العمل اللائق في أماكن العمل، والضمان الاجتماعي والصحي.
وقد وقعت دولة فلسطين اتفاقية لتطبيق أجندة العمل اللائق في فلسطين عام 2011، وبدأنا في خطوات لمراجعة تشريعات العمل، ووضع الأنظمة التي من شأنها تجسد التزامنا بها، سواء بالحد الأدنى للأجور، وعمالة الأطفال والنساء، وتوفير فرص العمل اللائق والتشغيل الذاتي.
إن هذه الأجندة ربما اليوم بحاجة لمراجعة وتحديث مع التمسك بمواصلة العمل مع كافة الشركاء الاجتماعيين على مواصلة تطبيقها بدعم وتنسيق مع منظمة العمل الدولية.
احتفالنا اليوم بفلسطين بيوم العمال في سياق استمرار حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة والتدمير الشامل لقطاع غزة، الذي كانت تداعياته على شعبنا الفلسطيني بكل شرائحه الاجتماعية، وفي مقدمتها عمالنا الذين فقدوا مصدر رزقهم وتدمرت منشأتهم ليس فقط في قطاع غزة، وكذلك الحال بالضفة الغربية الذي يشل الحصار والإغلاق سوق العمل الفلسطيني، ووحدة الدورة الاقتصادية وتكاملها جغرافيا وقطاعيا، ناهيك عن تعطل انتقال العمال داخل الأراضي المحتلة عام ٤٨، الذي كانت نتائجه كبيرة ومؤثرة على الناتج المحلي الاجمالي.
تفاقم البطالة والفقر في المجتمع الفلسطيني، مع تراجع قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها اتجاه القطاعات المجتمعية على وجه التحديد الخدمات الاجتماعية المختلفة، كنتاج لسياسة حكومة الاحتلال بسرقة أموال دافع الضرائب الفلسطيني التي تشكل الأساس في إيرادات السلطة الوطنية الفلسطينية، وعلى وجه الخصوص مع تراجع الدعم المالي الدولي والعربي والإقليمي الى مستويات غير مسبوقة منذ قيام السلطة الوطنية الفلسطينية.
إن تفاقم الأزمة المعيشية مع ازياد الغلاء على السلع والخدمات وفي مقدمتها السلع الأساسية بات يهدد السلم الأهلي والمجتمعي في بلادنا، ونطلق التحذير اليوم من انفلات الوضع في غزة وسيطرة العصابات المسلحة التي ترعاها حركة حماس وقيامها بعمليات السلب والنهب ليس فقط لمخازن الأغذية للمنظمات الدولية العاملة بقطاع غزة، بل تعدى ذلك لسلب ونهب لما تبقى في جيوب المواطنين البائسين الذين فقدوا كل شيء جراء مغامرات قيادة حركة حماس.
امام هذه التداعيات الخطيرة التي يواجهها مجتمعنا الفلسطيني وقضيتنا الوطنية على المستويات كافة أطلقنا مبادرتنا في احتفال الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين لتشكيل لجنة من دائرة العمل والتخطيط، ودائرة المنظمات الشعبية في منظمة التحرير الفلسطينية، ومفوضية المنظمات الشعبية في حركة فتح، ووزارة العمل في الحكومة الفلسطينية لإنجاز ما تعطل إنجازه خلال السنوات السابقة من تشريعات واتفاقيات تحافظ على السلم الأهلي والمجتمعي:
- مراجعة قانون تنظيم العمل النقابي في فلسطيني، والذي اعد بسلسلة حوارية طويلة من الشركاء الاجتماعيين ولا نرى مبررا من تأخير اقراره لتنظيم العمل النقابي في فلسطيني.
- إقرار قانون الضمان الاجتماعي الذي مضى على تعليق تطبيقه نحو عشرة أعوام، وتطبيقه اليوم ليس بحاجة لسوى إرادة سياسية قوية تتجاوز قوى الضغط التي عطلت تطبيقه لاعتبارات لم تكن خافية على أحد.
- وحدة الحركة العمالية الفلسطينية على قاعدة الاتفاق المبرم منذ عام 2015 ما بين الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، والاتحاد العام لعمال فلسطين بموافقة وضمانه كافة القوى السياسية الفلسطينية، ولا نرى سببا يعيق تطبيقه انطلاقا من المبادئ المتفق عليها، وفي مقدمتها التمسك بالحريات بالنقابية والتعددية النقابية، وتعزيز وتطوير صيغة الاتحاد الكونفدرالي مابين الاتحادين والتمثيل للاتحاد الأكثر تمثيلا في المحافل الدولية والإقليمية.
إن مبادرتنا التي لاقت القبول الفوري من كافة الأطراف تستلزم التحرك الجاد من قبل الجميع للتأكيد على الالتزام بعناصرها، ودعوة اللجنة المقترحة لوضع خطة للعمل الفوري لتحقيقها، وبما يمكنا من تعزيز جبهتنا الداخلية وتقوية نسيجنا الاجتماعي والوطني، والحفاظ على وحدتنا المجتمعية والسياسية تحت راية منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
نضال الشعب