أقلام وآراء

الهدم في مخيم جنين.. أداة التهجير الداخلي

 

بقلم: أمجاد شيلو
تبرز عمليات الهدم الممنهج الجاري والتي ينفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي بقرار سياسي، منذ أكثر من 100 يوم، في مخيم جنين ومخيمات شمال الضفة، كأحد اشكال الترانسفير الداخلي والذي يعكس سياسة التهجير المنظمة التي لا تقوم على الترحيل المباشر الى خارج الوطن، وانما اعاده توطين قسريه داخل الاراضي الفلسطينية نفسها، ما يجعل سكان المخيمات اللاجئين اصلا داخل وطنهم، الى نازحين جدد خارج بيئتهم التي ترمز لوجودهم السياسي والتاريخي منذ نكبة العام 1948.
تدمير البيوت في مخيم جنين واجبار الاهالي على النزوح القسري، وفرض قيود صارمه على عودتهم، يكشف هدف الاحتلال الأساسي الرامي الى تفريغ المخيم وغيره من مخيمات الشمال من السكان واجبارهم على التأقلم في بيئة جديده وشطب حق العودة وهو احدى الركائز الأساسية للقضية الفلسطينية.
كما ويتضح المخطط في ترافق عمليات الهدم مع استهداف للصروح المادية الرمزية ضمن مسعى لمحو الذاكرة والشواهد، فقد شهد تشرين الاول 2023 استهدافا مبيتا للرموز والرمزيات في مخيم جنين فعلى سبيل المثال :اقتلعت مجسم الحصان الموجود على مدخل المخيم ،علما انه هذا المجسم صمم من مخلفات مركبات اسعاف، ومركبات لأفراد دمرها الاحتلال في اجتياح مخيم جنين 2002، اضافه الي مخلفات ابواب نسفت في قصف الاحتلال لبعض المنازل في المخيم ، ولم يقف الامر على هذا المجسم بل قامت بتدمير عدد من الميادين والتي شكلت اسماء شهداء من رموز الحركة الوطنية ،ومنها دوار الشهيد ياسر عرفات ،ودوار الشهيد يحيي عياش ، ودوار الشهيد ابو علي مصطفى ،اضافه الى تدمير ميادين حملت خريطة فلسطين ،وعليها اسماء القرى التي هجر منها لاجئو مخيم جنين، اضافه الى تدمير اقواس ما يسميها اهالي مخيم جنين “اقواس النصر” ،الموجودة على مدخل مخيم جنين ، والتي كتب عليها” محطة انتصار لحين العودة” ،علما ان جنود جيش الاحتلال اخذ صوره جماعيه من أمام الاقواس قبل الهدم قبل 30 تشرين الاول 2023 ،في محاولة لتقديم صوره انتصار على فكرة وجود المخيم.
عمد جيش الاحتلال على استهداف مخيم جنين لما يمثله من رأسمال معنوي قابل للتعاظم وتطوير حالة الاشتباك والانتقال عبر الضفة الغربية ، فأطلق على المخيم اسم “غزه الصغرى” في اشارة إلى “التهديد” الذي يشكله المخيم لإسرائيل ، واذا لاحظنا ان اختيار اسم العملية العسكرية في مخيم جنين “الاسوار الحديدية” لم يكن مصادفة، فالاسم مستمد من مسمى “السيوف الحديدية” الذي اطلق على الحرب الإسرائيلية ضد فطاع غزة سنة2023، وهذه التسميه تحاول اسرائيل تكريس فكرة أن حربها التي اندلعت في 7تشرين الاول/اكتوبر لا تزال قائمة، وأن العمليات العسكرية ليست سوى حلقات مترابطة ضمن استراتيجيات طويلة الأمد .
وتشير التقديرات الرسمية الى ان جميع منازل ومنشآت المخيم تعرضت لضرر إما كامل أو جزئي جراء العدوان المتواصل وعلميات التدمير والتجريف المتواصلة، والهادفة الى طمس كل معالم وهيكليات المخيم.
ولم يقتصر الهدم والتدمير على مخيم جنين فقط، بل طال المدينة جزء كبير من الدمار، حيث تعرضت ما يقارب 800 وحدة سكنية في المدينة لضرر جزئي، بالإضافة ال 15مبنى هدم في المدينة منذ بداية العدوان، حيث تركزت اغلب الأضرار في المباني والمساكن على الحي الشرقي وحي الهدف والجابريات ، وفقا لمعطيات بلدية جنين.
فنتيجةهذاالتدمير الواسع لمدينة جنين ومخيمها واستهدتف البنية التحتية ، واجبار السكان على النزوح القسري ، ارتفع عدد النازحين ،الى 22 الف نازح من جنين ومخيمها حسب ما اشارت اليه التقديرات الرسمية لدى بلدية جنين، حيث نزحو الى الاحياء الاكثر امانا في المدينه ،والى بعض القرى المحيطه بهم .

 

زر الذهاب إلى الأعلى