الشاعر ماهر أبو خوصة.. “من خلق الله المنسية”

نائل موسى
نائل موسى 10 أكتوبر، 2020
Updated 2020/10/10 at 1:49 مساءً

رام الله – وفا – إيهاب الريماوي – لطالما أشعلت كلمات الشاعر ماهر أبو خوصة حماس الجماهير في انتفاضة الحجارة، وهبة النفق، وصولا إلى انتفاضة الأقصى التي كانت تردد فيها أشعاره وتحفظ عن ظهر قلب.

وجدت كلمات شعر أبو خوصة طريقها، حيث يعتقد بأن كلماته النابعة من رحم المعاناة وعمق الانتماء تعبر عن الدفاع عن حقوق شعبنا الفلسطيني وآماله وتطلعاته بكل صدق وحزم ومسؤولية.

يرى أبو خوصة أن قصائده وطريقته في الأداء لاقت قبولا واهتماما جماهيريا مرضيا وواسعا، رغم بساطتها وعفويتها كونها ارتجالية، ويلقيها دون تكلف أو تحضير مسبق بلهجة عامية يسهل على المستمع فهمها والتفاعل معها، بل لا يتحفظ ولا يمانع إن أضيف ما يخدم القصيدة في موقع من المواقع.

في نظر أبو خوصة فإن متذوق الشعر هو شاعر صامت وناقد ولا يعيبه إن ترك له مساحة للمشاركة، حيث يشدد بأنه شاعر شعبي وأشعاره ليس حكرا له أو لأحد حيث يعتبرها حقا عاما وملكا خالصا للشعب والوطن، فالشعر بالنسبة له وسيلة لتحقيق غاية وفكر يؤمن به ويناضل من أجل تحقيقه، ويفتخر بأنه نصير للمستضعفين والمضطهدين، ويتشرف بأنه أحد أفراد الأسر البسيطة، ولم يكن سُلما لغير الفدائيين أو بوقا لأحد إلا للثورة.

حدد وضعك

إن السر وراء حماس الجماهير لشعر أبو خوصة تأتي لحرصه على ألا يكون بينه وبينهم حاجز، فلا يعتلي منصة تشعرهم بأنه يتعالى عليهم، بل يخاطبهم بلسان حالهم ويعبر عن واقعهم.

ووفق أبو خوصة فإن أكثر القصائد التي تأثرت بها الجماهير هي قصيدة “حدد وضعك”، والذي يسأل فيها المسؤولين عن مسؤولياتهم، ويضيف: “تصف هذه القصيدة ما حل بمعظم فئات مجتمعنا من انتكاسة بسبب الحرص على التمسك بالمناصب، وأشرت فيها إلى مدى تحملنا وصبرنا، وطالبتهم نزالنا من المركب الذي لم يحسنوا الإبحار به متوقعاً حينها أن يغرق”.

إصحا العين الحرة تغفل

لا ينكر أبو خوصة بأنه يشعر بالقلق من الواقع السياسي الذي نمر فيه، في ظل التحديات المتراكمة على أجندة الشعب الفلسطيني وقادته، لكنه يصف تلك التحديات بالحالة الإيجابية التي تحفز على اليقظة وتستنفر المثقف لإعلان حالة الطوارئ المستمرة، وهذا ما أشار إليه في إحدى قصائده بالقول: “اصحا العين الحرة تغفل خلي الحبه في بيت النار”.

ويرى أبو خوصة أنه لا يمكن لأحد من دول الإقليم أو العالم أن يكون أحرص منها على حقوقنا الوطنية والدفاع عنها استنادا إلى إرثنا الثقافي والنضالي وما خَبرناهُ وَخَبِرَتْهُ من علوم في إدارة صراعنا مع الاحتلال الإسرائيلي ضمن المعطيات والمتغيرات القاهرة من حولنا.

ويضيف: “شعبنا الفلسطيني يقف على درجة عالية من سلم الوعي، وأنه أقرب مسافة من أي وقت كان الى شمسنا الدافئة التي ستأخذ مكانتها اللائقة في فضاء الحرية بين اخواتها الشموس وسيحيا شعبنا وتعيش فلسطين”.

أنا من الناس الموجوعة

يرفض الشاعر أبو خوصة المولود في “معسكر” الشاطئ بقطاع غزة عام 1965 ويعيش حاليا بمدينة طولكرم، تسمية المخيم بالمخيم بل يطلق عليه اسم المعسكر مبررا بالقول: “إن اللاجئ يعيش بالمخيمات في حالة استعداد وتعبأة دائمة للحظة الخلاص من لجوئه نحو العودة إلى أرضه وبلده”.

يقول أبو خوصة في قصيدته “أنا من غزة” في وصف حاله: “أنا من الناس الموجوعة والممنوعة من الماعون، وعلى حسب حساب المجموعة أنا أعد من الي بدون، من الي لا معاهم هوية ولا تأشيرة ولا جنسية، من خلق الله المنسية، كائن مثلي في هالبرية وماني مذيق على البشرية، ولا ع البنية التحتية..”.

انتقل أبو خوصة مع عائلته إلى مدينة طولكرم، ودرس الابتدائية في مدرسة الشهيد عبد الرحيم الحاج محمد، ولمع اسمه بالمدينة كرسام تشكيلي، والتحق بجامعة بيروت العربية والتي نال منها شهادة البكالوريوس في الأدب العربي.

شارك في تأسيس حركة الشبيبة الطلابية على أرض الوطن، ومن هنا برزت إبداعاته في الرسم على الجدران وكتابة الشعارات والأغاني المناهضة للاحتلال، وأشعاره التي بدأ يتناقلها أبناء الحركة باهتمام والتي كانت تردد في الهبات والمسيرات الشعبية، كما ارتبط اسمه بشعر المقاومة منذ اجتياح بيروت عام 1982، ونذكر منها القصيدة الخاصة بانطلاقة الشبيبة الطلابية آنذاك:

في العام اثنين وثمانين

قاموا شبابك يا فلسطين

قاموا الطلبة والعمال

والأبطال الفلاحين

قاموا رغم الزمن الصعب

ومناحيم بيجن والحرب

قاموا ومعهم قام الرب

في الساحات وفي الميادين

كما عمل على تأسيس محطة تلفزيون لأول مرة في قطاع غزة عام 1994، بإيعاز من الشهيد ياسر عرفات كما خوله بصفته أحد أبناء شهداء الثورة إلى جانب عددٍ من رفاقه بالعمل على تأسيس التجمع الوطني لأسر الشهداء فكان من أبرز مؤسسيه.

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *