مستوطنون: الفلسطيني المتهم باغتصاب الطفلة بريء ورواية الشرطة متناقضة ومفبركة

نائل موسى
نائل موسى 19 يونيو، 2019
Updated 2019/06/19 at 1:28 مساءً

في ظل التناقضات التي كشفت عنها التحقيقات في رواية نيابة وشرطة الاحتلال الاسرائيلي، تقرر مساء امس، استكمال التحقيق في قضية اغتصاب بنت (7 أعوام) من مستوطنة “موديعين عيليت” المقامة على ارض فلسطينية غرب رام الله.
وقالت هيئة البث الإسرائيلي (كان أن قرار استئناف عملية التحقيق في القضية جاء في أعقاب محادثة عاجلة بين رئيس قسم التحقيقات في الشرطة والنائب العسكري، بالتشاور مع المدعي العام الإسرائيلي وكبار المستشارين في مكتب النيابة العامة للاحتلال
ومن المتوقع أن يتركز التحقيق الجديد على محاولة تحديد مكان شخصين ادعت الشرطة في لائحة الاتهام أنهما ساعدا رجلا فلسطينيًا في ارتكاب الجريمة، فيما زعمت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن المعلومات الجديدة التي حصلت عليها أجهزة التحقيق خلال اليومين الماضيين، قد تضع الرجل الفلسطيني، في موضع الاشتباه في قضية أخرى.
وبدأت ، تنكشف الحقيقة المختلفة تماما عن مزاعم شرطة الاحتلال ، التي تبنتها وسائل الإعلام العبرية ، حول الادعاء أن رجلا فلسطينيا من قرية دير قديس، يدعى محمود فطوسة (46 عاما)، يعمل كعامل نظافة وصيانة في مدرسة في المستوطنة الحريدية “موديعين عيليت”، اغتصب طفلة في السابعة من عمرها.
ويتبين أنه حتى المستوطنين، الذين يعرفون فطوسة جيدا بعد عمل في بيوت عدد منهم أيضا، لا يصدقون الاتهامات، ويؤكدون أن شرطة الاحتلال حاكت ملفا ضد المواطن الفلسطيني من دون وجود أساس للاتهامات التي وُجهت إليه.
ويبدو أن المشاركين في وضع لائحة الاتهام ضد فطوسة، في الشرطة والنيابة العسكرية، أطلقوا العنان لعقلية عنصرية، أثناء صياغة الاتهامات، التي يصعب أن يتقبلها العقل. وهي عقلية مطابقة للعقلية العنصرية التي تظهر في تصريحات السياسيين الإسرائيليين، بدءا من رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن الداخلي، غلعاد إردان، وعضو الكنيست أفيغدور ليبرمان، وغيرهم من سياسيين وصحافيين ملأ نعيقهم جوقة العنصرية الإسرائيلية في صفحات “فيسبوك” وحسابات “تويتر”.
وزعمت لائحة الاتهام ، التي قدمت الأحد، أنه “في مرحلة ما بين شهري شباط/فبراير ونيسان/أبريل من العام الحالي تم تشغيل المتهم، من سكان دير قديس، كعامل نظافة وصيانة في مدرسة في منطقة بنيامين (الاستيطانية الواقعة في منطقة رام الله) حيث تتعلم البنت. وفي إطار عمله في المدرسة، كان المتهم يتحدث مع البنت ويعطيها حلويات بين حين وآخر”.
وادعت لائحة الاتهام أنه “في أحد الأيام، طلب المتهم من البنت مرافقته إلى مبنى مجاور للمدرسة، لكنها رفضت. وفي رد فعل، جرّ المتهم البنت بالقوة باتجاه المبنى وحتى أنه أسقطها أرضا في الطريق. ونتيجة لذلك بدأت البنت تبكي. وكان ينتظرهما عاملان فلسطينيان في المبنى المجاور، كان يعرفهما المتهم وفقا لأوصاف البنت. وبعد ذلك ضرب المتهم البنت، خلع ملابسها وضحك صديقاه عليها. ولاحقا أمسكها الثلاثة بيديها ورجليها، ورفعوها وضربوها على جسدها”.
وتابعت لائحة الاتهام زاعمة أنه “عندما كانت الضحية مستلقية على سرير، وأصدقاء المتهم يمسكون بها من كل جانب كي لا تقاوم وعصبوا عينيها، قال المتهم للضحية إنه ’أفعل بك شيء مفرح’”. وأضافت لائحة الاتهام أن الطفلة كانت تبكي وقالت “للمتهم” إنها تريد العودة إلى البيت، لكنه وأصدقاءه رفضوا وهو استمر في أفعاله. وحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية فإن لائحة الاتهام تضمنت أوصافا جنسية قاسية نسبتها “للمتهم”. ويشار إلى أنه يرافق البنت محامون من منظمة “حنانو” القانونية اليمينية المتطرفة.
انفلات عنصرية نتنياهو
وقالت الشرطة إن فطوسة، المعتقل منذ أكثر من أربعين يوما، ينفي كافة التهم ضده ويؤكد أن لا علاقة له بهذه القضية. كذلك فإنه انقضت فترة طويلة نسبيا حتى تحدثت الطفلة مع والديها عن الموضوع وادعت أنها تعرضت للاغتصاب، كما أن والديها لم يقدما شكوى على الفور وإنما بعد فترة، وخلال ذلك تشاوروا مع حاخامات.
واستغل نتنياهو لائحة الاتهام هذه، لإطلاق تصريحات عنصرية. واعتبر أن “اغتصاب بنت صغيرة مزعزع وهز قلب جميعنا. وعلى المحاكم أن تستنفذ تشدد القانون كله تجاه المسؤول عن هذا العمل الرهيب”.
كذلك فعل ليبرمان، الذي اعتبر أن “هذا ليس تحرشا جنسيا بطفلة، وإنما إرهاب صرف، وهو الأخطر الذي سمعت به في السنوات الأخيرة. وهذه عملية عدائية مخطط لها جيدًا ضد بنت صغيرة، ساذجة وبدون حماية. وهذه إحدى الحالات التي لن أتردد فيها بمطالبة المحكمة بالحكم بالإعدام على المخرب البغيض”.
وطالب إردان بإشراك الشاباك في التحقيق، في تلميح بأن خلفية القضية أمنية وأن الحديث عن عملية على خلفية قومية، علما بأن الشرطة أعلنت أنه لا توجد مؤشرات لعمل على خلفية قومية.
الشرطة غيّرت ادعاءاتها
صورة لائحة الاتهام انقلبت رأسا على عقب، وبدأ الكثيرون من المطلعين على القضية يفندونها بندا تلو الآخر. ونقل موقع صحيفة “هآرتس” عن شاهد النيابة في هذه القضية “م”، وهو مستوطن يقطن في المستوطنة نفسها، قوله إن الشرطة غيّرت خلال التحقيق ادعاءاتها بشأن المكان الذي جرى فيه اغتصاب البنت، وذلك بعدما تبينت صحة ادعاء قطوسة حول مكان تواجده. وأضاف “م” أنه هو بنفسه أثبت صحة ادعاء قطوسة وأبلغ المحققين بذلك. ونقلت الصحيفة عن مصدر مطلع على تفاصيل التحقيق قوله إن ادعاء الشرطة بشأن التوقيت الذي نُفذ فيه الاغتصاب تغير أيضا على ضوء ادعاء قطوسة الذي تبين أنه صحيح.
وقال مصدر ضالع في ملف القضية، إنه خلال تصريح المدعي العسكري في المحكمة، في بداية الشهر الحالي، ادعت الشرطة أن الاغتصاب حدث في أحد أيام الجمعة، بعد الدوام الدراسي وتقرر أن توقيته محدد. كذلك ادعت الشرطة أن قطوسة أخذ البنت إلى بيته في دير قديس وهناك اغتصبها. إلا أن قطوسة أكد أمام المحكمة أنه في ذلك اليوم كان يعمل في الترميم في مكان آخر، وطلب من “م” أن يقر بصحة أقواله. وفعلا، أقر “م” بذلك، وقال إنه “بدلا من أن تفحص الشرطة الادعاء، قمت أنا بذلك”. ولاحقا تأكدت الشرطة من صحة الادعاء بهذا الخصوص.
وأضاف “م” أنه في أعقاب ذلك غيّرت الشرطة مكان الاغتصاب، وبدلا من البيت في دير قديس زعمت الشرطة أنه جرى في شقة تبعد بضع مئات الأمتار عن المدرسة. ووفقا لمصدر مطلع على القضية، فإنه بعد تأكيد مكان تواجد قطوسة، زعمت الشرطة أن الاغتصاب حدث في تاريخ آخر، ليس لدى قطوسة إثبات حول تواجده في ذلك الوقت. لكن لائحة الاتهام لا تذكر التوقيت الدقيق ولا الساعة في اليوم الذي حدث فيه الاغتصاب، وإنما كتبت بأنه نُفذ في موعد ما بين شهري شباط/فبراير ونيسان/أبريل.
ووفقا للتفاصيل التي كُشفت اليوم، فإن موقع الشقة التي تزعم الشرطة أن الاغتصاب جرى فيها، يبعد عشر دقائق سيرا على الأقدام عن المدرسة، والطريق إليها تمر من شوارع رئيسية ومزدحمة في المستوطنة الحريدية. وقال “م” إن قطوسة “هو شخصية معروفة جدا في المدينة (المستوطنة)، وهو يعمل هنا منذ ثماني أو تسع سنوات. وهو شخص مخلص لعمله في المدرسة، وكان يحضر بعد دوامه إذا اقتضت الحاجة إلى تصليح إضاءة أو شيء ما. لقد ألقوا القبض على الشخص غير الصحيح وأنا أصرخ ذلك”.
وأضاف “م” أنه “توجد هنا مليون علامة استفهام. وهذا شخص لديه ثلاثة أولاد يدرسون في الأكاديميا، وهو رجل مستقر اقتصاديا وعندما كان يشاهد عربيا يرتكب خطأ، كان يصرخ عليه ويحذره من فقدان مصدر رزقه. أي أنه كان يعرف القانون جيدا. هل تريد أن تقول لي إن هذا الرجل جرّ بنت عمرها سبع سنوات لمدة 20 دقيقة إلى شقة في الطابق الثاني واغتصبها هناك سوية مع عدد من العرب؟ ليس لدي شيء ضده، وإذا ارتكب ذلك يجب استنفاذ القانون ضده، لكنه ليس الشخص الذي فعل ذلك”.
وأدلت البنت بأربع إفادات حول الاغتصاب أمام محققات أطفال، ويتوقع أن تشهدن في القضية. واليوم ستعقد المحكمة العسكرية في سجن “عوفر”، وستطلب النيابة العسكرية فرض حظر نشر كامل على تفاصيل القضية.
مستوطنون: قطوسة ليس المتهم
أكد محامي قطوسة، ناشف درويش، أمام القاضي والنيابة في المحكمة، اليوم، أن مصداقية البنت بما يتعلق بهوية المتهم منقوصة، وأنه لم يجر فحص طبي شامل لتشخيص حالتها. وذكر موقع “يديعوت أحرونوت” الإلكتروني أن تعرف البنت على قطوسة بالصدفة في المدرسة تضع علامات استفهام كثيرة، كما أن الشخص الذي ساعدها على التعرف عليه لم يُحقق معه أبدا. وقالت محققة الأطفال في الشرطة إنه يصعب تأكيد المصداقية بشأن هوية المتهم.
وقال المحامي درويش إن “تعرف البنت على المشتبه متأثر برأي محققة الأطفال بالاستجواب الذي تعرضت له في البيت. ماذا نحتاج أكثر من ذلك؟ لم أفهم، بعد أن اطلعت على هذه التفاصيل، كيف يمكن تقديم لائحة اتهام من هذا النوع”.
وأضاف درويش أنه “لن أدخل في مسألة ما إذا وقع الحدث أم لا، رغم أنه لا توجد أي شهادة طبية تؤكد حدوث ذلك، وبعد أن اطلعت على مواد التحقيق، تبين لي أن موكلي ليس مرتبطا بهذا الحدث”. وشدد المحامي على أن “هو لم يفعل ذلك وفقا للأدلة. ولديه عُذر، فقد عمل في الوقت نفسه لدى عائلة إسرائيلية. وهل هذا منطقي أن شخصا عربيا يُخرج بنتا من مدرسة في مستوطنة حريدية، ويأخذها بالقوة فيما هي تبكي وتصارع طوال 14 دقيقة سيرا على الأقدام وسط المدينة ويدخل إلى بناية سكنية ولا أحد يرى أو يسمع؟ وأجري في هذا الملف فحصان بوليغراف (آلة كشف الكذب). في أحدهما تبين أنه يقول الحقيقة وفي الآخر يكذب. ولا توجد أية أهمية لذلك”. ويشار إلى أن وسائل الإعلام الإسرائيلية امتنعت عن الإشارة إلى الفحص الذي بين صحة أقوال قطوسة وإنما إلى الفحص الكاذب فقط.
وقال عدد من المستوطنين، الذي عمل قطوسة في بيوتهم، إنهم لا يصدقون قصة الاغتصاب. وقال أحدهم لـ”يديعوت أحرونوت”، إنه “رافقت هذه القضية منذ البداية وحضرت المداولات (في المحكمة). ويوجد هنا صعوبة لدى الشرطة طوال القضية. ونحن هلعون من ألا يعثروا على المتهم الحقيقي”.
وأضافت “يديعوت أحرونوت” أن الطاقم التربوي في المدرسة يستبعد أن يكون قطوسة هو المتهم. وقالت مسؤولة في المدرسة إنه “هل تعرف عدد الأبرياء الذين يقبعون في السجن. هذا حدث خطير ومهم بالنسبة لنا أن يعثروا على المتهم”.

عرب 48

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *